الجيشوفوبيا وشغب الملاعب
إدريس دحني
إنّ شغب الجماهير خلال المباريات داخل أسوار ملاعب كرة القدم أو خارجها هو ظاهرةٌ مُنتشرةٌ بشكلٍ كبير حول العالم وليست حِكراً على شعبٍ أو أمّةٍ واحدة, وحسب ما جاء في نصوص يونانية ورومانية قديمة , فقد وعقت اعمال شغب خلال مسابقات رياضية قديمة, غير أن هذه الظاهرة تطورت في ايامنا الحالية وصارت منظمة واشد وطأت من ذي قبل , وذلك بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتي اصبحت تتسبب في صب الزيت بين الجماهير وتشعل الاجواء قبل أي مواجهة بين فريقين .
لست الأن بصدد تعريف ظاهرة الشغب أو الكشف عن مسبباتها, او تقديم مبررات لمرتكبيها , ولكنني اريد أن اتطرق للخسائر التي تخلفها , والمعايير التي اصبحت تطبق لتلفيق تهمة الشغب لجمهور معين دون أخر .
فعند الحديث عن شغب الملاعب لا بد أن نستحضر الخسائر المادية الكبيرة التي يخلفها في الممتلكات , والارواح , ناهيك عن الاضرار النفسية التي يتسبب فيها المخربون للمصابين أو اصحاب المحلات والمركبات التي تتعرض للتلف بسبب الشغب , وذلك الكم الكبير من المشجعين الذين يجدون أنفسهم وراء القضبان مع مجرمين وقتلة .
وفي المغرب كباقي دول المعمورة تسجل في العديد من المناسبات حالات شغب بين جماهير فريقين , تتسبب في خسار مادية كبيرة واصابات بالعشرات في صفوف القوات العمومية والمشجين وباقي المتداخلين في اللعبة كما حدث مؤخرا بين جمهوري الجيش الملكي والمغرب الفاسي ,لكن الاستثناء يبقى في كيفية التعاطي مع هذه الظاهرة , حيث تحاول جهات معينة رسم صورة نمطية عن جماهير الجيش ترتبط أساسا بالشغب , رغم أن المباراة الاخيرة عرفت تواجد 30 الف متفرج من الطرفين ,لكن مثيري الفوضى , لم يتعدى بضع مئات , اغلبهم من القاصرين سنيا وفكريا .
شحذت الأقلام , وانطلقت بعض الابواق بالتفصيل في حيثيات الأحد الأسود متجردة من المصداقية , بل ودون تكليف نفسها حتى عناء البحث عن الحقيقة مكتفية بفيدوهات من هنا واخرى هناك توثق لحالات متطرفة لمشاغبين لا يمكن أن يكون هدفهم الاول هو التشجيع .
فإذا كان الإسلاموفوبيا الذي ينتشر في الفرب و يعاني منه المسلمون هو عبارة عن الخوف من الإسلام ومن المسلمين، أو أي شيء مرتبط بدين الإسلام، مثل المساجد والمراكز الإسلامية والقرآن الكريم والحجاب، والذي يعد من أشكال العنصرية والتمييز في حياة الناس اليومية، سواء تمت في وسائل الإعلام أو في أماكن العمل أو في مجال العمل السياسي وغير ذلك , فإن الجيشوفوبيا هي عبارة عن فكرة متجذرة في ثنايا عقل بعض الأشخاص , يحاولون الترويج لها في صفوف العامة من خلال وجهات نظر وتصريحات وسلوكات وايماءات, تتجلى أساسا في حملات ممنهجة وخطابات عامة تنشر الخوف من جماهير الجيش , لمجرد أن فئات محسوبة عليه قامت بالشغب , علما أن هذه الخطابات تختفي عندما يتعلق الأمر بجماهير فرق أخرى , بسبب عقدة نقص تجاه صرح عظيم وتاريخه الحافل منذ التأسيس .
وللتخفيف من ظاهرة الشغب في الملاعب الوطنية , يجب تبني مقاربة موحدة في التعاطي مع هذه الظاهرة بين جميع الجماهير بدون تمييز , مع تشجيع اللاعبين والجماهير على الروح الرياضية وتفادي أي استفزازات , وتطبيق مقاربة أمنية صاربة عبر العمل على مراقبة الجماهير، حتى يتمكن المعنيون بالامر من القبض على مثيري الشغب بشكل سريع، وتطبيق أحكام القانون عليهم، حتى لا يقع الظلم على الجمهور بأكمله , مع اقتراح تكوين وحدات أمنية خاصة بالملاعب للتعاطي مع الجمهور , واخيرا منع تنقل الجماهير خارج قواعدها للتقليل من الاستفزازات المتبادلة .
ويبقى الشغب نقطة سوداء تضر بالرياضة والمنشأت والممتلكات الخاصة ويجب التصدي له بقوة وذلك بإشراك جميع المتداخلين من جمعيات وادارة وسلطات أمنية , مع التشديد على معاقبة الصفحات التي تحرض على الشغب وتشجع القاصرين على اقتحام الملاعب .