مقال رأي … الديربي قربان لتهدئة الأجواء: الدور الآخر لكرة القدم
الكاتب : محمد الشمسي
ظهر الوداد البيضاوي في مباراة الديربي ليوم الخميس 16يونيو 2022 في أضعف مستوى له طيلة تاريخه الكروي منذ التسعينيات حيث شرعت في تتبع مقابلاته، ولم يكن منافسه الرجاء البيضاوي في مباراته سوى أفضل من غريمه الغائب المتغيب…
يتجاوز الأمر حدود كرة القدم “مرة في نهارك ومرة لا”، التراخي الودادي والذي قابله حماس على مضض في صفوف الرجاء يطرح علامة استفهام كبيرة قد تخرج عن نطاق كرة القدم وتدخل في خانة “حساب الكاشوش”.
هزيمة الوداد ضد الرجاء في الديربي ليست جديدة، لكن في الديربي كانت الروح القتالية عالية، والتنافس على أشده بغض النظر عن ترتيب الفريقين في القائمة، لكن في مباراة الخميس تحس وكأن دخانا متصاعدا يوحي أن الديربي جرى تقديمه قربانا لتهدئة الأجواء، وخلق نوع من التوازن الاستراتيجي، فالظروف الاجتماعية والاقتصادية مكهربة ومحتقنة مع ارتفاع متزايد ومستمر للأسعار، ودعوات من هنا وهناك للمقاطعة والاحتجاج، والقاعدة الجماهيرية للرجاء كبيرة وعريضة وواسعة، ولها “سوابق” في “التشجيع النضالي”، والكل يشهد على ردة فعلها العنيفة عندما خسر الفريق امام سريع واد زم ، فكيف يكون الحال اذا خسر الفريق امام الغريم؟ …
أولى بوادر تأثيت المشهد كان بإقحام الديربي ضمن خانة العقوبات المفروضة على الرجاء بلعب مبارتين دون جمهور، كان بإمكان تأجيل الديربي الى حين لعب الدورتين 26و 27، لكن كان لابد من إبعاد الجمهور عن المدرجات، وثاني البوادر المغالاة في الأخطاء التحكيمية التي خرجت عن المألوف، وثالثا ظهور الوداد بمستوى ضعيف لن يظهر به في اي مباراة أخرى، ضعف تجاوز العيش في نشوة الفوز بالعصبة الإفريقية، ولا أدل على ذلك أخطاء بدائية من لاعبين دوليين كأشرف داري ويحيا جبران والشيخ كومارا وايمن الحسوني…
فالحكم جيد قطع هجمة للوداد وأعلن عن تسلل والحال ان الاعادة أوضحت أنه لا وجود للتسلل وأن الهدف مشروع، ثم إن الحكم لم يرجع لتقنية الفار في مناسبتي ضربتي الجزاء ، وعاد للفار في احتكاك بين لا عبين، وأخيرا ينضاف لكل ذلك البث التلفزي الذي انتقلت اليه عدوى الضعف والوهن، حيث لم يتم اعادة عدد من المشاهد المؤثرة في المباراة منها طرد متولي، وحالة غير التسلل للوداد…
قد يكون المقال محض هراء أو تعصبا زائدا أو حبا أعمى، لكنه واقع شاهده كل المتتبعين…
وحتى حالة طقس الرجاء كانت تنذر بعاصفة لو انهزم النسور، فطريقة ظهور رئيس من عالم مجهول في كرة القدم ، والسرعة في “تعميده” وتقديمه المرشح الوحيد من بين عمالقة المسيرين الرجاويين من “ذوي السوابق” ، وبروزه بكرم وسخاء واجتماعه مع اللاعبين قبل ان يصبح رئيسا للنادي ، كل ذلك كان يعطي الانطباع ان الديربي سيكون “سياسيا” وليس رياضيا…
سيحتفظ التاريخ بهزيمة الوداد وانتصار الرجاء لكن ستحكي جنبات التاريخ فصولا وهوامشا من باقي الحكاية، حكاية تقديم الديربي قربانا لتسكين الاحتقان وتضميد الجروح…وهو دور خفي من أدوار كرة القدم.