لهذه الأسباب لا يحب أنصار برشلونة فالفيردي
مع تجديد عقد المدرب الإسباني إرنستو فالفيردي مع برشلونة، لا يزال السؤال -القديم الجديد- الذي يدور في أذهان كل مشجعي كرة القدم: لماذا لا يحب «ولن نقول يكره» جمهور فريق كرة قدم ما مدربًا يقودهم لتحقيق الألقاب؟ هذا يتعلق بحالة فالفيردي مع جمهور برشلونة، الذي يملك العشرات من علامات الاستفهام حول العديد من الأمور الفنية والتكتيكية والنفسية التي تحيط به.
بالنظر إلى الأرقام التي حققها فالفيردي مع برشلونة منذ وصوله إلى تدريب الفريق مطلع الموسم الماضي، سنجد أن المدرب الذي يملك باعًا كبيرًا في الدوري الإسباني حقق مع الفريق 3 ألقاب من أصل 5 بطولات خاضها مع الفريق، وخسارتاه كانتا في بطولة السوبر الإسباني أمام ريال مدريد في أول مباراتين رسميتين له مع الفريق الكتالوني، وكذلك بالانتكاسة الشهيرة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام روما.
جمهور برشلونة لا يكره فالفيردي، ولكنه لا يستطيع أن يرفعه إلى مرتبة أن يقال إنه محبوب، كبيب جوارديولا على سبيل المثال، وبدرجة أقل مع سلفه في الفريق لويس إنريكي، على الرغم من تطور الفريق الكتالوني في بعض الأمور المتعلقة بالأداء الدفاعي والحضور البدني والعمق في التشكيلة والاعتماد على كل العناصر.
3 أسباب رئيسية تجعل فالفيردي غير محبوب في برشلونة رغم أنه يبدو للعيان غير سيئ على الإطلاق من الناحية الرقمية، خصيصًا في أعقاب فترة انخفاض مستوى واضحة في نهاية عهد لويس إنريكي، وتذبذب دفاعي وسوء إدارة للأحمال البدنية، والأهم رحيل نجم بحجم نيمار إلى باريس سان جيرمان.
اللاماسيا
على الرغم من الاعتماد الجزئي لفالفيردي على بعض الأسماء المنتمية لأكاديمية ناشئي برشلونة «اللاماسيا» مثل كارليس آلينيا وتصعيده أسماء مثل كوكوريلا الذي ذهب في إعارة إلى إيبار وميراندا الظهير الأيسر، وتشومي قلب الدفاع، إلا أن تصرف فالفيردي مع أكاديمية الناشئين التي ظلت لمدة طويلة ذخرًا إستراتيجيًا وفنيًا لبرشلونة يثير استهجان الجماهير التي اعتادت على وجود أكبر نسبة من ناشئي الأكاديمية على ملعب المباراة.
في الوقت الراهن، لا يوجد من أبناء الأكاديمية سوى 4 أسماء تشارك بشكل أساسي مع الفريق، نسبة لا تعبر عن التطلعات الكتالونية، ناهيك عن التعنت ضد موهبة بحجم دينيس سواريز، وإقصائه طيلة موسم كامل لصالح لاعب غير مقنع للجماهير هو أندريه جوميز، الذي كانت لدى فالفيردي مشكلات مع طريقة أدائه في الملعب، وعلى الرغم من ذلك، فقد فضله على سواريز الذي كان يصنع الفارق كلما حل بديلًا أو شارك أساسيًا، والنهاية.. سواريز في آرسنال مع بند يتيح شراءه.
اللاماسيا جزء أصيل من هوية برشلونة، وكل المدربين الذين احتكوا بهذه الفكرة ورفضوا مسيرها كما ينبغي، لم تطل مدة بقائهم لا في أذهان الجماهير، ولا حتى في مقاعد برشلونة.
أين التيكي تاكا؟
على الرغم من اتساع مدى التفاهم بين لويس سواريز وليونيل ميسي في الخط الأمامي لبرشلونة وتشكيلهما ثنائيًا مرعبًا بالتحديد في الموسمين الأخيرين في أعقاب رحيل نيمار، إلا أن الأداء الهجومي لبرشلونة بشكل عام يثير حفيظة مشجعي برشلونة المشهورين بذائقتهم الكروية الراغبة دومًا في أقصى قدر من الإمتاع والفوز بالأداء المقنع.
إرنستو فالفيردي استلم فريقًا محطمًا على المستوى الدفاعي، وفيما لم يقم بعمل ميركاتو صيفي جديد في أول المواسم، كان لزامًا عليه أن يبتكر خطة تتيح له أكبر قدر من الأمان الدفاعي، وهنا استحدث 4-4-2 لعب بها برشلونة طيلة موسم كامل، حافظت له على التأمين الدفاعي، مع وجود القنبلة الذرية في المقدمة «ميسي»، تقارب الخطوط بشكل كامل، على شاكلة تخالف المثلثات الموجودة في 4-3-3، وارت العديد من العيوب الفنية والتكتيكية التي طرأت على دفاع برشلونة، وبالتحديد عند الحديث عن الثنائي جيرارد بيكيه وسيرجي روبيرتو «خيار فالفيردي الأول في مركز الظهير الأيمن».
هذه المبررات كلها، لا تشفع عند جمهور برشلونة المتعطش للفوز دائمًا وتحقيق الألقاب بأكبر قدر من الإقناع، قد يحب جمهور برشلونة مدربًا يحافظ على هوية الفريق في الملعب دون أن يحقق الألقاب، ولكن ماذا إن لم يحصل على أي بطولة؟.
هذا السؤال الأخير بالتحديد هو أكبر مشكلة في عقلية كل منتمٍ لبرشلونة، وبالتحديد منذ عودة الفريق إلى مصاف الكبار الأوروبيين منتصف العقد الماضي، وحصوله على 4 بطولات في دوري الأبطال منذ ذلك الحين، صار الحكم بناء على تحقيق دوري أبطال أوروبا عقيدة راسخة لدى النادي ومشجعيه وإدارته، وبالتالي سيتعين على أي مدرب يأتي الآن لتولي تدريب برشلونة أن يحقق دوري الأبطال، خصوصًا وأن لديه لاعبًا يمكنه الحسم في أي وقت من المباريات، وهنا اختار فالفيردي أن يبني فريقًا كاملًا على طريقته كي يتمكن من حصد هذا اللقب؟ ولكن ماذا حدث في طريق سعيه لذلك؟.
الرومانتادا
لا ينسى أي مشجع لبرشلونة هذه الليلة الكابوسية، حين هزم برشلونة 3-0 في ملعب الأولمبيكو أمام خصم أضعف منه بكل تأكيد، بل ومهزوم أمامه 4-1 في الذهاب، الأدهى أن برشلونة بقي متقوقعًا في نصف ملعبه طيلة اللقاء في وضعية جديدة عليه وعلى أنصاره، والأهم أنها لم تكن مبررة.
روما افترس برشلونة أمام أنظار فالفيردي الذي بدأ التفاعل مع اللقاء في الدقائق العشرة الأخيرة، بعدما أيقن الكل أنه حول برشلونة إلى فريق عادي لا يملك في مباريات الذهاب والعودة بخلاف ما يملكه أي فريق آخر، هذه المباراة أثارت حفيظة اللاعبين والجماهير، ولم يهون عليهم سوى تحمل فالفيردي أكثر من مرة مسؤولية تلك المباراة كاملة واعترافه بأنه أدارها بشكل خاطئ، مباراة تهكم عليها جمهور الجيالوروسي حين وصفها بـ«الرومانتادا» في إشارة لإنهائها أسطورة «الريمونتادا» التاريخية التي حققها برشلونة أمام باريس سان جيرمان قبل ذلك بعام واحد،
الموسم الأول لأي مدرب في برشلونة عمومًا يترك الانطباع الذي يدوم لدى الجماهير، ففي الوقت الذي يذكر فيه الجمهور الكتالوني لجوارديولا تحقيقه السداسية في الموسم الأول له، ولإنريكي تحقيقه الخماسية، لا يتذكر لفالفيردي سوى هزيمة روما المذلة رغم أنه حقق بطولتي الدوري والكأس، وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الليجا دون أي هزيمة.
كل شيء في يد واحدة.. ميسي
كلمة الفصل الدائمة في فريق برشلونة منذ سنوات، تتمثل في رأي ليونيل ميسي، والأخير أعلن رضاه في أكثر من مرة عن فالفيردي، في سابقة تحدث لأول مرة منذ رحيل المدرب بيب جوارديولا.
ثقل ميسي في الفريق ولدى الإدارة والجماهير، يبدو أنه أخضع بارتوميو وجعله يجدد عقد فالفيردي موسمًا إضافيًا، وهو ما أفادت به تقارير صحفية صدرت اليوم.
كان يمكن للإدارة أن تنتظر نتائج نهاية الموسم لحسم ملف تجديد العقد، ولكنها آثرت إدامة الاستقرار الإداري الفني في الفريق، وبالتأكيد آثرت تنفيذ ما يريده «الملك» الذي يدعو جمهور برشلونة كل يوم الرب كي يحفظه.
كل هذا قد ينتهي إذا حقق برشلونة دوري أبطال أوروبا هذا العام، سيحمل فالفيردي على الأعناق.. ولكن الإشكالية ستتمثل في جدوى استمرار فالفيردي على سياساته المتعلقة بالتعامل مع ثمرات أكاديمية الناشئين، وموقفه من أفكار برشلونة الدائمة في ملاعب كرة القدم، ويبدو أن فالفيردي من النوع الذي قد يضحي بأي شيء في سبيل تحقيق كل الألقاب الممكنة، تلك هي الواقعية التي لا يجيد جمهور فريق «حالم» دائمًا التفكير بها.