وحيد العنيد وكسر الجليد !
ادريس دحني
يصر العديد من البشر منذ القدم على الثبات على مواقفهم وعدم تغييرها مما يجعلهم يعيشون الجمود الفكري، وهي المرحلة التي يتعصب فيها الشخص لأفكارهِ الخاصة لدرجة رفضهِ الاطلاع على الأفكار المخالفة .
وهناك حالة شديدة من التعصب للأفكار والمبادئ والقناعات، لدرجة معاداة كل ما يختلف عنها. وهي تعدّ حالة من التزمّت لفكرة معينة من قبل مجموعة دون قبول النقاش فيها , في المقابل توجد مجموعة أخرى تعتقد أن التغير والتحول هو الصورة الفعلية الكامنة في الفرد والجماعة والمجتمع.
وعندما نتحدث عن التعصب للمواقف لا بد أن نستحضر مدرب المنتخب الوطني المغربي، الذي ما فتئ يدافع عن اختياراته التقنية رغم أنها فشلت في أول محك حقيقي عندما واجه اسود الأطلس فراعنة مصر في كأس أمم افريقيا , ورغم أن الظرف يفرض عليه التراجع عن بعض الاختيارات واعادة اسماء معينة لتشكيلة المنتخب , يصر المدرب وحيد العنيد على الابقاء على تشكيلته الماسية ويرفض المساس بها , لما حققته من نتائج ايجابية لا يراها سوى في مخيلته , ويدافع عنها بإستماتة مستشهدا بعدد الانتصارات التي حققها والترتيب الجديد للمغرب في تصنيف الفيفا .
ولا يختلف اثنان أن التغير سمة فعلية في المجتمعات، ترتقي إلى حد كونها ظاهرة شائعة لا تقبل الشك والريب، وبات موضوع التغير أحد أهم الموضوعات في علم الاجتماع الذي بات يوجه الكثير من أبحاثه لتناول هذه الظاهرة ودراستها , لهذا ليس من العيب أن يغير المرأ مواقفه بتغيير الظروف .
وبالحديث عن التغيير لا بد أن يبدأ المدرب البوسني بمرحلة كسر الجليد , وهي تعد نموذجًا في تغيير الاتجاهات والتي تدخل ضمن نموذج أشمل للتغيير في العلوم الاجتماعية، وهو نموذج تحليل مجال القوى «Force field analysis» وضعه عالم الاجتماع كيرت لوين Kurt Lewin عام 1951م لتحديد الكيفية التي يجري بها التغيير في مواطن مقاومة التغيير وفق ثلاثة مراحل كالتالي :
– مرحلة التهيئة وإذابة الجليد Unfreezing Stage: وتتضمن هذه المرحلة زعزعة الممارسات والسلوكات الحالية للمدرب بما يسمح بإيجاد شعور بالحاجة لشيء جديد، والاعتراف بوجود مشكلة ما، مما سيدفع المدرب وطاقمه التقني يفكرون بجدية أكبر في إنقاذ المنتخب وذلك بتبنّي منْهج جديد ووضع خطط مناسبة من أجل تحسين الأداء.
– مرحلة التغيير Changing Process: بعد عملية التشخيص يجب أن يمر الطاقم التقني إلى إجراء تغييرات وتقديم أفكار جديدة وبديلة تنافس الأفكار والاتجاهات القديمة , بما فيها فتح صفحة جديدة مع جميع اللاعبين الذين يمكنهم أن يقدموا اضافة نوعية للتشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني .
– مرحلة التثبيت والتدعيم Refreezing: خلال هذه المرحلة يجب على الطاقم التقني الحفاظ على المكتسبات والأفكار الجديدة التي حلت محل الأفكار والاتجاهات والأساليب القديمة , والخروج بتشكيلة نمودجية تراعي متطلبات الوقت الراهن وبإمكانها اعادة التوهج للأسود .
لكن وبما أننا نعرف عقلية المدرب المتحجرة , تبدو الارهاصات الحالية كأنها الخواتيم التي تسبقها العلامات الكبرى حيث يغوص المنتخب في غياهب بئر مظلم، بين المصائب و المشاكل، و يرقص وحيد فوق جمر النكبات رقصة تشبه تلك التي توج بها “زوربا” اليوناني مآسيه، بفارق بسيط، أن “زوربا” كانت له شجاعة الاحتفال بخيبته و هو يعترف للعالم بأن للحسرة حدثا يستحق تخليده، فيما المدرب خليلوزيتش يرى أنه سيد غير ملزم أمامنا بأن يعترف و لا يتوانى في أن يشنف أسماعنا في كل مرة بأسطوانة أننا لسنا منتخب قوي ولا نملك تاريخ حافل في الكرة .