عصام الشوالي … المعلق الذي يجعلك تأكل العسل بأذنيك
سعيد سونا – باحث في الفكر المعاصر
قال كارل ماركس ” الدين أفيون الشعوب وزخفرة الإنسان في الأرض ” … ثكلتك أمك في مضجعك تحت الثرى أيها الرجل ،،، أما أنا نا فأقول عن يقين ” كرة القدم أفيون الشعوب وزخفرة الإنسان في الأرض ” نعم الجملة الصحيحة … لقد أصبحت كرة القدم قطاعا سياسيا واقتصاديا رهيب ، فما تملكه بعض الفرق لاتملكه حكومات بأكملها، وأصبح لاعبو الكرة في طليعة أثرياء العالم ، وأصبحت الدول تلجأ لهذا القطاع كخاصرة رخوة تعضض بها دبلوماسيتها أمام العالم ، ورصاصة في جيبها تنفعها في اليوم الأسود … فهاهي قطر عندما استثمرت في كرة القدم ، جعلت لها مكانة قوية بين الأمم ، وهاهي إسبانيا أفقر دولة أوروبية لكنها غنية بريال مدريد وبرشلونة ،،،، هذا هو الواقع الذي يقسم ألا يرتفع ،،، خصوصا عندما تصنع كرة القدم نجوما في قطاعات موازية لها وفي مقدمتها قطاع الإعلام الرياضي …
ظاهرة المعلق عصام الشوالي التي تخطت الآفاق ، والتي أصبحت مغرية لنا ، لتفكيكها وإعادة تركيبها لوضعها في سياقها العلمي ، بعيدا عن أي قراءة اندماجية ،،،،، هذا الرجل استفاد من هذا الزخم الخرافي لكرة القدم ، واستثمر إمكانياته ليصبح المعلق الأول على الصعيد العربي …
تقول الحكمة ” سافر فأنت لست شجرة ” هو كذلك عصام الشوالي الذي يراوغنا ويجعلنا وكأننا نسافر في الاستماع لقطعة طربية من الزمن الجميل ، فيما منشغل في تفجير المعاني من داخل غرفة تعليقه على مباريات كرة القدم ،،، فصاحة ، صوت جهوري ، ثقافة عميقة ، عروبة نعم أعيد وأكرر عروبة طافحة في عقيدة الرجل ، وهو الذي قال في افتتاح كأس العالم في مقدمة تعليقه على المباراة الافتتاحية: ” نحن العرب، نحن التاريخ والمستقبل، نحن الحضارة والثقافة ونحن مَن علَّمكم، واسألوا شارلمان عن ساعة هارون الرشيد ” ( سنعود في المقال أسفله لنوضح لكم قصة ساعة هارون الرشيد ) الرجل يدافع على التعصب لكل ماهو عربي مسلم ، ويطالب بالاكتفاء بالاستمتاع فيما هو عالمي ، فأمه ليست شقراء وأبوه ليس أخضر العيون كما ظل يردد دائما…لذلك أصبحت الجماهير العربية عاشقة لتعليقاته وعباراته، تتذكرها بحب في المناسبات الكبرى ، وتعتبرها توثيقا هاما بصوته لأفضل وأهم اللحظات الكروية … هو واحد ووحيد unique لايشبه أحدا ولايشبهه أحد …حتى قال أحدهم ” ليس مسموحا له بالصمت فقد يتلقى لطلقات نارية ” لأنه ببساطة يسرب لك بمكر عجيب حماس المقابلات لكل تفاصيل جسمك …
نعم إنه من اللحظات الاستثنائية أن يمزج معلّق رياضي لكرة القدم كلماته بروح ثقافية، وينفخ فيها من وحي الشعر والتاريخ، كما يفعل ا عصام الشوّالي الذي، صارت المباريات برفقته درسا معرفيا ممتعا يروق للكثيرين من متابعي كرة القدم، ويترقبون إطلالته معلقا على المباريات الجميلة ،،،، عشاق عصام الشوالي يرون أن نجاح المباراة مرهون بارتباطها باسمه وقوتها تأتي من تعليقه مهما كانت المباراة قوية …
اختير كأفضل معلق عربي لأعوام عديدة ، وفقا لاستفتاء أجراه موقع “كووورة” الرياضي ،
ولد عصام بن نورالدين الشوالي يوم 25 أيلول (سبتمبر) عام 1970، وارتبط بكرة القدم منذ نعومة أظفاره ،،،، ومع نهاية دراسته الأكاديمية باللغة الفرنسية انضم إلى إذاعة الشباب والرياضة لتحقيق حلمه في الوقوف خلف الميكروفون كمعلق ليلهب حماسة مشجعي الكرة، فتمكن الشوالي بموهبته من اختزال الزمن، حيث انتقل بسرعة إلى القناة الفضائية التونسية، ثم كانت خطوة الانتقال إلى فريق شبكة راديو وتلفزيون العرب واحدة من أبرز محطاته المهنية، حيث أصبح وجهاً مألوفا في جميع الاستوديوهات التحليلية ….
أول مباراة علق عليها الشوالي، كانت يوم 6-10-2001، بين “الترجي” التونسي و”صان داونز” الجنوب أفريقي ضمن مباريات دوري أبطال إفريقيا. أما أول مباراة في دوري أبطال أوروبا فكانت عام 1998 بين “ريال مدريد” و”إنترميلان”.
وعقب شراء مجموعة قنوات الجزيرة الرياضية لباقة قنوات راديو وتلفزيون العرب، انتقل الشوالي إلى التعليق على مباريات كرة القدم بالقنوات الرياضية بشبكة الجزيرة الرياضية القطرية، وبعدها إلى “بين سبورت”…
نبرة صوته عالية ولا يخلو أداؤه من خفة الظل، كما أشرنا سابقا ، وهو مايؤكده خالد صافي في تقرير له يضمنه قولا للشوالي:
“لست إنجليزي ولا إيطالي ولا هولندي ولا فرنسي.. تونسي الهوى والقلب واللسان، أمي لم تكن شقراء اللون، وأبي لم يكن أخضر
حان الآن موعد صمتك، وأنصحك بعدم الحديث فأنت على مشارف مباراة يعلق عليها عصام الشوالي إن تفوهت بكلمة ستجر على نفسك سخط كل من يشاركونك متعة الاستمتاع بسيمفونية التعليق التي ينسجها هذا الإعلامي العبقري ،،،، كما أنك ستضيع على نفسك لحظات من الانسجام التام التي يتكفل لك بها الشوالي في كل ثانية من أحداث المباراة، فهو من لا يتجرأ أحد على الحديث في حضرته، ولا التعليق على التعليق في مباراته …
إن الشوالي، بحسب التقرير، ينقل حادثة “أم المعارك” إلى بيتك، ويلهث وراء “الكورة الغدارة”، وينظم في (الليو ميسي) شعرا ،
وفي “سحرة البرازيل” نثرا، ويحط من قدر (كريستيانو رونالدو) “أكذوبة المنتخبات” أحياناً ولا يبالي، يمتعك بالشعر العربي القديم تارة، وبالغناء الأصيل أخرى، قد يروي قصة شمشون ودليلة، أو يرتجل ما بدا له من قصائد ومعلقات، كل ذلك خلال التسعين دقيقة التي أقسم ألا يهمد فيها نفَسه لثانية ،،، كي يمتع كل العالم والناس بتعليقه..
– الكفّ عن الرغي والكلام
وثمة من يأخذون على الشوالي استغراقه في استعراض مهاراته اللغوية والثقافية والشطح الإنشائي، وابتعاده عن تفاصيل المباريات وتحليل فنياتها، فقد علق أحد منتقديه: “صحيح أن عصام الشوالي يعطينا كثيرا من المعلومات ولكن معظمها غير مهمة على الإطلاق، ماذا يعنيني في معرفة نوع ماركة بدلة المدرب جوارديولا مثلاً ؟؟؟ لكن عندما تستمع لمعلق بريطاني مثلا فإنه يتحدث بما يدخل في إطار المباراة ولا يخرج عنها أبداً… جميع المعلقين العرب بلا استثناء لا يستطيعون الكف عن الرغي والكلام”!!! …وهناك الكلام في الكلام.
لكنّ عشاق المعلق التونسي يرون أنّ نجاح المباراة مرهون بارتباطها باسمه، وقوتها تأتي من تعليقه، فمهما كانت المباراة قوية، فتعليقه أقوى، وإن خيبتك الآمال في الفريقين ،،، فهذا المعلق كفيل بأن يشعل النيران في الملعب بنبرته العالية، كما يقولون، وقصصه الطريفة والتفاصيل الدقيقة والغريبة التي يأتي بها، وطريقته الجريئة بإسقاط الكنايات والتشبيهات على الأحداث …
يعرف الشوّالي الصغار والكبار، وقبل أن يهتم المشاهد بالفريقين يبحث عن صوته في القنوات الصوتية في المباريات ولا عجب أن تتناقل المواقع والمجتمعات الإلكترونية ، مقاطع صوتية وأخرى مرئية لجميل تعليقاته وبديع نوادره، بينما لا تكاد تخلو الهواتف المتنقلة من مقاطع مميزة لعصام الشوالي…
تعتقد أنه يشجع هذا المنتخب فتسمعه يتفاعل مع كل هجمة وتسديدة، ويخطط ويرسم تحركات الفريق المقابل، ويحدد مواطن الخلل ونقاط الضعف، وتعرف معه إن كان الدفاع “نايم في العسل” أم أنّ “الحارس سيندم” على خروجه، وما هي إلا لحظات وتفاجأ أنّ لونه تماهى مع الفريق المقابل في حيادية تامة، وشاركهم فرحتهم بالفوز، وعدّد مناقب لاعبيه والمدرب والفنيين والمشجعين بحركاتهم و”قبلاتهم”، فلا يبخس كلا الفريقين، ويعطي كل ذي حق حقه، ولا يضنّ لحظة بنغمات تطرب أذنيك من حنجرته الذهبية..
– عاشق ميسي …
ومن تعليقاته التي يحفظها عشاق الشوالي، وأصبحت علامة لصيقة به:
“يحط كـورة لميسيَ خطيـرة ميسي ميسي سيسجل سيسجل. مش ممكن مش ممكن. مش ممكن يا ولد. مش ممكن يا امبراطور اشهـد له يا بيليه. اكد له يا ماردونـا. تحـدث عنه يـا كرويف. أجبره على الاعتراف يا بلاتيني. قل الحقيقة يا زيرو.
أليس هو الأفضل. أليس هـو الأروع. أليس هـو الأبرع. أليس هـو رجل التاريخ”؟
ويتابع عشقه ومديحه للاعب الأرجنتيني ونجم “برشلونة” الإسباني ليونيل ميسي
هذا هو ميسي، كلمهم عنك يا ليو، قول: أنا الذي نظر العاشق لقدمي، وأطربت مراوغاتي من به عقد، ووصلت أهدافي لمن يعشق الطرب، أنا ميسي كبيرهم على صغري، أنا ليو عارض المتعة في عالم القدم”.
ويتذكر محبو عصام الشوالي أيام كان يعمل في قناة قناة art الرياضية، كيف ودع اللاعب الفرنسي زين الدين زيدان …
“كم انت كبير يا ابن الصحراء يازين الدين زيدان ”
صفقت أمـس واليـوم نحنا لك مصفقون
وحروفي إليـك الان يـنحنون
وكلماتي إليـك أصـبحوا يقفزون
وجملي علي ها هم يبكون
فماذا فعلت أيـها الزيداني بهذا الزمان
الذي أصـبح اسـمه زمن حزن زيدان
إن كان قلبي يفتح بكلمة مرور
فقولوا له زيدان ستجدوه ينفلق كما تنفلق الصـخور .
ذلك الشاب الأصلع بنظاراته الطبية
الشوالي أضحى ظاهرة تخطت الآفاق العربية… فقد كتب عنه أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك دانيل آلتمان، وقال إنه المعلق الأفضل، ذلك الشاب الأصلع بنظاراته الطبية، وسحنته التي تشبه طالب المحاسبة المتخرج حديثا ، حيث يلهب الشوالي الجماهير بتعليقه الرائع على كل حركة في المباراة، ويخرج بسلاسة من ايقاعها البطيء، عن طريق قص حكايات من الثقافة الشعبية لأطراف اللعبة، ويغرف بيسر من الموسوعة الرياضية التي تتخمر في ذهنه حول ماضي اللاعبين وحاضرهم، وعندما تزداد الحماسة وتشتعل المدرجات، يقارن الشوالي الهولندي كلارنس سيدورف بعظماء المنتخب الهولندي السابقين مثل ماركو فان باستن وفرانك ريكارد ويوهان كرويف مثلا ، أو يبدأ بنظم الأشعار حول هدف الكولومبي راداميل فالكاو، حيث يصف دقة تصويبة الهدف بقافية شعرية متقنة تضم تايجر وودز وروبن هود !!!
الكلمات، كما يقول آلتمان في المقال المترجم، هي “الجزء الأكثر أهمية، فكل ما يقوله الشوالي أو غيره من المعلقين العرب، هو جزء من التصعيد الكلامي الكبير الذي يحدث بمجرد اقتراب الفريق من منطقة جزاء الفريق الخصم، ويبلغ هذا التصعيد ذروته المحمومة – ذروة الصوت أو ذروة التعبير – بتسجيل أي لاعب هدفا في مرمى الفريق الخصم، وهذا التصعيد الحماسي هو بالضبط ما يتوقعه المشاهدون للمباريات، حيث يطفق المعلق العربي بتركيب كلام إنشائي متقن، وجمل متراكبة، يرميها رشا بدون توقف إثر تسجيل الهدف – على النقيض تماما من التعليق المتحفظ للمعلقين الإنجليزيين- وهذا الرشق الكلامي العربي المستمر علق عليه أحد المواقع بلهجة متهكمة بقوله: إن المذيع العربي يمكن أن يتم قتله إذا توقف عن الكلام لبضع ثوان على الهواء مباشرة”
– قصة ساعة هارون الرشيد …
نهار الافتتاح ديال كاس العالم كلشي سمع شوالي قال واحد الهضرة ولكن قليل لي عارف القصة ديالها (حنا من علمكم وا سألوا شارلومان عن ساعة هارون الرشيد) مهم هاد هارون الرشيد كان هو خليفة المسلمين و شارلومان كان هو الملك ديال فرنسا شارلومان كان كيرسل رجال ديالو باش يتعلمو فبغداد عند هارون الراشيد واحد نهار هاد هارون رشيد عطاهم هدية باش يقولوها لشارلومان وهي عبارة عن ساعة ديال نحاس طول ديالها تقريبا 4 متر كان فيها واحد الميزة عجيبة هي مثلا ساعة الى كانت ف 10 كتخرج ليك 10 ديال الكواري ولكن الحاشية ديالو قالو بلي راها مسكونة يعني شي حد الداخل هو لي كيلوح هاد الكواري وقررو باش يفتحوها باش يعرفو شنو فيها الداخل فعلا فتحوها وما لقاو والو ولكن باش بغاو يرجعوها كيف ما كانت معرفوش ليها وجمعو المهندسين لي فأوروبا كاملين باش يصوبوها ولكن معرفوش مهم هذا هو الميساج لي بغا يوصل شوالي أنه العرب كانو سباقين للتطور قبل 1000 ديال سنين …
– الرجل الذي تعاطف مع الطفل الشهيد ريان ….
عصام الشوالي: “اللهم في هذه الساعات المباركة أخرج ريان سالما معافى وأفرح قلوبنا وقلوب أهله يارب العالمين”
تفاعل المعلق التونسي عصام الشوالي، صباح يومه الجمعة، مع الحادث الأليم الذي تعرض له الطفل المغربي ريان، العالق تحت الأنقاض من الثلاثاء الماضي.
ونشر عصام الشوالي عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، صورة “كرتونية” لعملية إنقاذ الطفل ريان البالغ من العمر 5 سنوات، مرفوقة بآية قرآنية ورسالة عبارة عن دعاء…
وكتب المعلق التونسي بقنوات “بي إن سبورتس”: “اللهم في هذه الساعات المباركة و في هذا اليوم المبارك أخرجه معافى سالما غانما وأفرح قلوبنا وقلوب أهله يارب العالمين”.
وانضاف عصام الشوالي إلى قائمة المعلقين العرب الذي عبروا عن تضامنهم مع الطفل ريان، بعد مواطنه رؤوف خليف والجزائري حفيظ الدراجي…
– السيرة الذاتية …
عصام الشوالي معلق رياضي تونسي، عمل مع إذاعة الشباب في تونس وانضم إلى التلفزيون التونسي ليلتحق بعدها مع قنوات البي ان سبورت. حصل السيد عصام الشوالي على قرابة خمسين جائزة وتكريم في مختلف البلاد العربية وتم اختياره في 2009 و2010 من أكثر 100 شخصية عربية مؤثرة من قبل آربيان بزنس. تم اختياره من الفرق الرياضية ريال مدريد وبرشلونة في متاحف الفرق كصوت عربي بين معلقين بلغات مختلفة.
الخبرات
– 1995 – 2001: إذاعة الشباب – تونس. – 1998: الالتحاق بالتلفزيون التونسي. – 2001 – 2009: راديو تلفزيون العرب. – 2006 – 2008: عضو لجنة المعلقين في الاتحاد العربي لكرة القدم. – 2009 – الآن: قنوات البي ان سبورت.
المؤهل العلمي
بكالوريوس أدب فرنسي – كلية الآداب – منوبة – تونس
– رأي الأكاديميين في ظاهرة عصام الشوالي :
ليس هناك خلاف بالتأكيد على كون المعلق التونسي الشهير عصام الشوالي أحد أهم المعلقين المتواجدين في الوطن العربي بأكمله وليس فقط في تونس، وربما هذا الأمر يتضح من كونه المُعلق المُفضل لدى كل جمهور الساحرة المستديرة الذين يعشقون صوته رفقة المباريات الهامة، بل وحتى لو لم تكن المباراة على قدر كبير من المتعة والأهمية فإن وجود تعليق الشوالي على تلك المباراة يمنحها القدر الكبير من الأهمية ويجعلها ممتعة بشكل خاص، لكن يبقى السؤال الأهم لدى البعض …
– لماذا يعتبر الشوالي أحد أهم المُعلقين المفضلين بالنسبة للجمهور؟؟؟
من الأمور المؤكدة بنسبة مئة بالمئة أنه لا يُمكن لأي مشاهد الاستماع إلى تعليق عصام الشوالي على واحدة من المباريات دون أن يجد نفسه في أجواء حماسية مميزة للغاية، فمنذ اللحظة الأولى ستجد نفسك متحمس للمباراة وربما يدفعك تعليق الشوالي إلى القفز من على مقعدك مرات ومرات وربما تنهمر على الأرض أو تتفاعل بأي من الأشكال التي لم تكن لتستخدمها في الظروف الطبيعية، وهذه هي قوة الشوالي، حيث أن كل ذلك سيحدث بسبب حماسه وكأنه قد سرب ذلك الحماس إليك، ولهذا السبب تحديدا تجده المفضل لدى الجمهور…
الالمام بكل التفاصيل والمعلومات
من الجيد جدا أن يكون المعلق شخص مُثقف رياضيا، بل من الجيد عموما أن يكون كل شخص مُثقف وواع في المجال الذي ينتسب إليه، وهذا بالضبط ما يقوم به عصام الشوالي ويجعله مميز عن البقية، فالراجل يعرف كل كبيرة وصغيرة في عالم كرة القدم وربما بشكل أكثر تحديدًا تلك المعلومات المُتعلقة بالفريقين اللذين يلعبان المباراة، حيث سيبدو أمامك وكأنه لم يفعل شيء في حياته بخلاف الحصول على معلومات تاريخية عن هذين الفرقتين، وهذا في الحقيقة يأتي بسبب المراجعة التي يقوم بها قبل كل مباراة وكأنه تلميذ يقوم بمذاكرة درسه جيدا قبل الامتحان، بالطبع المباراة تبدو بالنسبة له امتحان مدته 90 دقيقة…
– الشفافية وعدم الانحياز …
من الأمور التي تؤخذ في مصلحة عصام الشوالي وتجعله مميز عن بقية المعلقين أنه لا يعرف شيء عن الانحياز ويسير فقط وفقًا للشفافية والمساواة حتى لو كان الفريق الذي يشجعه هو المغلوب أو يحتاج للتعاطف، بل حتى ولو كان ذلك الفريق تونسيا أو منتخب تونس نفسه، في النهاية يظل الشوالي محتفظا بنفس القدر من الحماس وكأنه نصير للفرقتين على حدٍ سواء، وهذه في الحقيقة النقطة المضيئة في حياة أي مُعلق، حيث أنه متى التزم بالشفافية والمساواة فبكل تأكيد سوف يدرك الجمهور أنه يحترم عقولهم وبالتالي سوف يتابعونه ويحبونه، هكذا تجرى الأمور ببساطة شديدة…
– قدرة عصام الشوالي على الارتجال ….
لا ننسى طبعا ضمن الأمور المميزة للغاية في المُعلق التونسي عصام الشوالي أنه يمتلك قدرة صارخة على الارتجال والقدوم ببعض الكلمات والشعارات والأبيات دون أن يكون قد حضر لها مسبقًا، وربما هذا يحدث بشكل مُكثف في تلك اللحظة التي تسجل فيها الأهداف أو يقوم فيها اللاعب بحركة مميزة تشعل حماسه، فهذا الرجل عندما يتحمس يتحول إلى شاعر وليس مجرد معلق عادي، وبالطبع جميع من شاهد مباريات بتعليق الشوالي يُدرك تمامًا حقيقة ما نرمي إليه …
– عصام الشوالي والقضايا القومية العربية – القضية الفلسطينية نموذجا :
‘ عصام الشوالي في مقدمة نارية ضد ازدواجية الغرب .
شهدت مباراة مانشيستر سيتي ومانشيستر يونايتد ، مقدمة تاريخية للإعلامي التونسي والمعلق الرياضي في شبكة “بي إن سبورت”، عصام الشوالي.
ومع بداية المباراة، رفعت الجماهير العلم الاوكراني وقد كتب عليه عبارة “لا للحرب”. في حين ظهر بعض اللاعبين يرتدون على أذرعهم شارات بالعلم الاوكراني أيضا، ليبدأ “الشوالي” مقدمته التاريخية والنارية. منتقدا إزدواجية المعايير في الغرب التي لم تسمح سابقا التضامن مع القضايا العربية والإسلامية في مدرجات كرة القدم…
وقال “الشوالي” مع رؤية هذا المنظر: “الميزان الأعرج يسمح بما يشتهون ويمنع ما يكرهون”. في إشارة إلى مظاهر الدعم لأوكرانيا التي تشهدها أغلب المباريات الأوروبية في الفترة الحالية… في وقت كان فيه التعبير عن أي موقف سياسي في السابق مبررا لفرض عقوبات على صاحبه بسبب مبدأ “عدم خلط الرياضة بالسياسة” الذي كان شعارا للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)…
وأضاف قائلا في إشارة للغرب:”هم يسمحون بما يشتهون ويمنعون ما يكرهون”.
“الله على أخلاقك يا ديمو ديمو”
وتابع موجها التحية لمشجعي نادي “سلتيك” الأسكتلندي الذين اشتهروا بالتعبير عن دعمهم للقضية الفلسطينية ورفع أعلام فلسطين في أكثر من مناسبة. قائلا: ” عاش سلتيك غلاسكو حامل الأعلام الفلسطينية وعاشت القضية، أما الديمقراطية الغربية طلعت بنت ناس في الآخر”.
وأردف ساخرا: الله على اخلاقك يا ديمو ديمو.. ديمو ديمو
وعاد “الشوالي” للتأكيد على ما قاله خلال تعليقه على المباراة، من خلال تغريدة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر”. قائلا: ” الميزان الأعرج يسمح لمَ يشتهون ويمنع ما يكرهون. عاشت القضية الفلسطينية، غالطوك فقالوا السياسة والرياضة منفصلتان.”
– الختم :
نعم كان من الضروري أن نقوم بتحليل وتركيب هاته الظاهرة الإعلامية الكروية ، بعدما فرض الرجل نفسه علينا ، بامكانياته واجماع الناس عليه .
سعيد سونا – باحث في الفكر المعاصر