كأس إفريقيا ـ هل تهز الجماهير “شِباك” الحدود الجزائرية المغربية؟

لحظات عاطفية مؤثرة تعتري المشجعين المغاربة والجزائرين على هامش بطولة كأس إفريقيا. هذا الحدث الكروي فتح الباب مجددا للمطالبة بفتح الحدود بين البلدين. فهل تنجح الجماهير في اختراق الشباك وتسديد هدف تاريخي في مرمى السياسية؟

صور المشجعين المغاربة الرافعين لأعلام الجزائر، في مدرجات الاستادات المصرية أو على المقاهي المغربية، كانت من أبرز مشاهد بطولة كأس أفريقيا 2019. وحتى بعد خروج المنتخب المغربي من البطولة، استمر التشجيع المغربي لمنتخب الجزائر تحت شعار “خاوة خاوة” (أخوة أخوة)، الذي تحول لهاشتاج انتشر بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وصار بمثابة الأرشيف للحظات تعكس حالة من الوحدة بين الشعبين المغربي والجزائري.

الحالة الحماسية المغربية الجزائرية اتخذت بعدا سياسيا، إذ فتحت الباب لتجديد المطالب بفتح الحدود البرية بين البلدين والمغلقة منذ عام 1994. واتخذت المطالب شكلا أكثر فاعلية إذ بدأ التخطيط من خلال الفيسبوك، لمسيرة من أجل عبور الحدود بين البلدين يوم السبت المقبل. الدعوة قوبلت بترحيب واضح لاسيما بين العائلات المختلطة والتي تسكن المناطق الحدودية بين البلدين وتعاني بسبب إغلاق الحدود الذي يصعب على الكثيرين زيارة أقاربهم على الجانب الآخر للحدود.

وفي الوقت الذي انتشرت فيه لقطات مصورة، لمشجعين حاولوا اختراق الحدود تعبيرا عن الفرحة بصعود منتخبهم وسط تشجيع وهتافات من الجانبين، لم يصدر من السلطات الأمنية أي تعليق على الحملات الفيسبوكية لفتح الحدود حتى الآن.

أحد هذه المشاهد والذي يظهر مشجعا جزائريا اخترق الحدود وسط الهتافات، أحيا آمال رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الذين لفت انتباههم رد فعل جنديين على الجانب المغربي، لم يرفعا السلاح في وجه المشجع الجزائري، رغم عدم قانونية فعلته.

لكن مسألة فتح الحدود بين البلدين من القضايا المعقدة ذات الأبعاد الأعمق من مجرد التقارب الرياضي أو الشعبي، فهناك العديد من الملفات الشائكة وأحيانا الاتهامات المتبادلة، التي تعكر صفو العلاقات السياسية بين البلدين. لكن على المستوى الشعبي، لاسيما في المناطق الحدودية، تكثر علاقات المصاهرة وتكثر العائلات التي تمتد جذورها بين البلدين، علاوة على التشابه الثقافي الكبير بين الشعبين. كما أن الدعم المتبادل بين البلدين ظهر أكثر من مرة في مناسبات رياضية عديدة من بينها دعم الجزائر للملف المغربي لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026.

هذه الرغبة الشعبية في فتح الحدود هي السبب وراء عودة فتح الملف بين الحين والآخر، فقبل عدة أشهر طرحت بعض الأسماء السياسية والتي كانت ترغب في الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية وقتها، مسألة فتح الحدود بين البلدين، غير أن الخبراء وقتها اعتبروا فتح هذا الموضوع مجرد “دعاية انتخابية” مع علمهم بصعوبة تنفيذ ذلك على الأرض على الأقل في المستقبل المنظور، إلا أن النقاش تبعه جدل أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى بعض المراقبين أن مسألة فتح الحدود البرية بين البلدين مسألة وقت وستتحقق لا محالة خاصة حال حدوث تغييرات على المستوى السياسي، لاسيما في الجزائر التي تشهد حاليا حراكا سياسيا واضحا.

وبعيدا عن نتيجة مباراة نهائي بطولة كأس أفريقيا بين الجزائر والسنغال، يبقى السؤال: هل يمكن للرغبة الشعبية القوية ولحملات مواقع التواصل الاجتماعي، إحراز هدف الفوز على الخلافات السياسية وإزالة الحدود البرية بين شعبين يجمع بينهما الكثير؟

ابتسام فوزي

زر الذهاب إلى الأعلى